lundi 17 octobre 2011

كفى !

مظاهراتٌ تندّد بعرض الفلم الإيراني"

"برسيبولس "

على قناة نسمة.

صورة رقم 1
قنوات تلفزيّة أجنبيّة تتحدّث عن"متطرّفين"، "سلفيّين"، أعمال عنف و تخريب.
دعواتٌ للإنتقام من قناة نسمة، حرّية الصّحافة مهدّدة...
صور لرجال لحاهم طويلة يلبسون القمصان كفيلة بأن تجعل المتفرّج الغربي يُفكّر في زحف طالباني و تطرّف ديني متنام.
قلت الغربي؟ لا والتّونسيّ أيضا.
قناة الجزيرة أيضا تستعمل نفس المفردات و تتحدّث عن إسلاميّين...

صفحات كثيرة على الفايسبوك تتحدّث عن أنصار الإسلام الذين خرجوا دفاعا عنه من خطر الملحدين الذي ينشرون الكفر في بلاد المسلمين...

لا يمضي وقت طويلٌ قبل أن تخرج مظاهراتٌ مضادّة.
على صفحات الفايسبوك: صورة رقم 2:
"أعداء الدّين" خرجوا مطالبين "بحرّيّة الفساد"
"مجموعات تأتمر بإملاء ات خارجيّة و تبيع هويّة تونس"
"مظاهرات الشّواذ و الملحدين"

إذا هي حرب دينيّة بين حماة الدّين و الكفّار !
يا حبيبي! إذا كنتَ مثلي لا يُمكنك الإندساس داخل أيّ من المجموعتين، فمن حقّك أن تشعر بالخوف.
و لتعلم أنّ الجهر بمخالفتك للإثنين كما أفعل الآن حماقة كبرى تجلب لك عداءالإثنين!

أعود إلى الصّور و أحاول ترتيبها:
هل خرج الآلاف من السّلفيّين في المظاهرات؟ ... قطعا لا، ربّما هم أكثر بروزا بسبب لباسهم المميّز.
خرج تونسيّون من مختلف التّوجّهات و خرج من لا توجّهات لهم، خرج المتديّن و الذي لا يعرف من الإسلام سوى الشهادتين و صوم رمضان فقط ليُبلّغ احتجاجه.
لكن حصلتْ تجاوزات و تصاعدت الأصواتُ التّكفيريّة و الدّعوات إلى القصاص فهل نختزل كلّ المتظاهرين في هذه الفئة العنيفة؟

على الجانب الآخر شعر البعض بتنامي خطر تكميم الأفواه و قتل الحرّيّات تحت غطاء الدّين فخرجوا يُنادون "أعتقني"
من بين هؤلاء قد تكون هنالك مجموعات توصف بال"متحرّرة" إذا ما قورنت بتقاليد المجتمع التّونسي بصفة عامّة، قد تكون هنالك مجموعات ذات ارتباطات خارجيّة، قد يكون هنالك علمانيّون، قد تكون هنالك منظّمات تنادي بالإعتراف بالمثليّة الجنسيّة في تونس، قد و قد و قد ...
فهل نختزل كلّ المتظاهرين في "عملاء" و "مثليّين"؟

أشعر بالصّدمة من حدّة الخطاب الإقصائي و من انتشار عقليّة إن لم تكن معي فأنت ضدّي، ما يعني أنّ على الكلّ أن يُحدّد فريقا و يضع لافتة على صدره ليُعلن فريقه.
يعني ذلك أيضا أنّ فريقا يُمثّل الخير كلّه و فريقا يُمثّل الشّرّ كلّه فتصبحُ  محاربته دفاعا مشروعا عن النّفس و يُفتح الباب على مصراعيه للتّنظير للإقصاء أو العنف باسم الدّيمقراطيّة و محاربة الظّلاميّين أو باسم الدّين و محاربة الكفّار !

والحالُ أنّ البعض قد يخرُجُ في مسيرة تُندّد بالتّعدّي على المقدّسات أو قد يخرج شخص في نفس المسيرة لا احتجاجا على الفلم نفسه (الذي يرى كثيرون أنّه لم يكن موجّها للإساءة للمسلمين كحوادث سابقة مثل الكاريكاتير), وإنّما احتجاجا على الإستفزاز الذي ينطوي عليه عرضه و على توقيت عرضه الذي حوله أكثر من سؤال.

ثمّ قد ينسحب مع تحوّل جزء من المسيرة من سلمي إلى عنيف.
ثمّ أمام دعوات القصاص و أصوات التّكفير قد يُشارك نفس الشّخص في مسيرة "أعتقني" مطالبا بحماية الحرّيّات.
ثمّ أمام رفع لافتات من نوع " تونس لن تكون بلد الملتحين أو الخوانجيّة" قد ينسحب صديقنارفضا لإقصاء ذوي الخلفيّات الإسلاميّة.

ثمّ يعود إلى البيت، يجد صورة على الفايسبوك تحرّض على الثّأر ممّن اعتدوا على الدّين و "مسحهم من الوجود".
يشعر بالإحباط، يكتب مقالا كثير الشّبه بهذا المقال، و يُذيّله بعبارة واحدة :

" كفى"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire