dimanche 1 janvier 2012

خطر الضغوط الجبارة التي يمكن أن تسلطها المجموعة على الفرد لتمحو منه الجانب النقدي


أنشر هذه المحاولة الأدبيّة لصديق الصّفحة حاتم بن رجيبة استجابة لطلبه و رغبته في مشاركة أفكاره و مناقشتها.)
(أنا متأكّدة أنّه بإمكاننا قراءة أفكار تستحقّ الإهتمام سواء كانت مؤيّدة للفكرة أو معارضة 
لها و للمثال المذكور. 


لأول مرة ، نعم لأول مرة ستقام صلاة العيد على الشاطئ ! هذا ما قاله خالد بكل حماس لصديقه مخالف ليحثه على المشاركة .

مخالف هو شاب خجول نوعا ما , لا يميل كثيرا للملتقيات والحشود الضخمة ، الموجهة . هو لا ينزعج بالمقابل من الحشود المتفرقة ، كحشود المارة اليومية، أو حشود رواد المقاهي أو حشود الملاهي الليلية، تلك المجموعات المتفرقة، كل في عالمه الصغير ، كل في اهتماماته الجد مختلفة عن المجموعات المجاورة. ما يجمعهم هو الحاجة للدفء المنبعث من الآخر ، ذلك الدفء الإنساني الذي يغلفك كغطاء من الحرير الناعم فيحميك ، فتستطيع أن تستسلم لأحلامك ، إلى عالمك الخاص بكل حرية ، بكل أمان .

أما تلك الحشود الموجهة !!

لا يدري ، فهو غير مسيس ، لا يشارك في أي ملتقيات طلابية أو دينية ، حتى صلاة الجمعة دائما يختلق الأعذار ، لنفسه ، لعدم المشاركة فيها .

،،ماذا مخالف نذهب غدا معا ، موافق !!،، سأله خالد بعينين ثاقبتين ، متوعدتين ! كأنما يقول :،، إياك وعدم القبول ، فإني نادرا ما ألح ! أنا أعز أصدقائك وأنت تعلم كم أنا ارغب في المشاركة !!!

تفاهما واتفقا ونهضا باكرا ليمتطيا الدراجة النارية ويتجها إلى شاطئ ،، عروس البحر ،، بمدينة الحمامات .

مخالف يستسلم لأحلامه ، كالعادة، وهو جالس على المقعد الخلفي . لتيقظه دقات قلبه المتسارعة ، يفتح حدقتيه ليبصر أطيافا بيضاء متململة ، غفيرة ، مضخمات صوت منتشرة في أركان شكل هندسي ضخم . إرتبك ، حبات عرق باردة انسكبت على جبينه وتقلصت عضلات رجليه لتحثه على الفرار .فيأخذه خالد من كتفه ويعبران الطريق الأسفلتي . ما إن وطأت قدماه أول سجادة حتى تلقفته العناصر البيضاء المحيطة به من كل جانب و دفعته الحشود الآتية من الخلف ليجد نفسه في نهاية المطاف وسط كتلة هائلة من عناصر بيضاء متجانسة ، ليشكل مع جيرانه رقعة من نسيج غاية في النضام.

ارتفعت الأصوات مكبرة ،، الله أكبر ، الله أكبر !!تكبير:،، الله أكبر، الله أكبر !!،، ثم يرتفع صوت ناعم رقيق مرتلا آيات من القرآن الكريم ، فيهدأ خاطره . ثم يخيم سكون على الحشد الهائل لتنهيه نبرات خطيب طيفه مزيج متساوي من الأبيض والأسود لينطلق في سرد العبارات وليعطي درسا في البلاغة وليسحر الحشد بعربية ، أقل مع يقال عنها أنها رائعة.

الكل مشدوه ، قاطع الأنفاس إلا هو . لم يبهر بل اشمأز ، لم يسحر بل تمرد ، لم يخدر بل أفاق .

صرخ في قرارته :،، لا تزعج أحلامي يا هذا ، لا تحلم مكاني يا هذا ، لا تفكر مكاني ولا تقدني كالخروف يا هذا !!!! احمرت عيناه كالذئب المسعور ، اكفهر محياه كالمجنون وتقلصت عضلاته كالمحارب المنفجر ليشق مسربا في صميم الكتلة المرصوصة ليصيرها هشة إلى حين !

لم يستطع التنفس من جديد إلا عندما غادرت رجلاه "آخر سجادة . 

Hatem Ben RAJIBA